أسعار المحروقات في المغرب بين الشفافية والمافيا وتفسر لماذا يغتني البعض وتجيب على أين الثروة ؟؟؟
على الرغم من تحرير أسعار المحروقات في المغرب والتحدث عن المنافسة لصالح المستهلك ورغم إستمرار إستقرار أسعار النفط دوليا، يشهد المغرب إرتفاعا في أسعار المحروقات، الأمر الذي يجر إلى تساؤل عريض: من يرخص لهذه السياسة التي لا تختلف في بعض الأحيان عن عملية نهب منظمة لجيوب المواطنين المغاربة.
وشهد البرلمان خلال الأيام الماضية نقاشا حول الأسباب التي تؤدي الى إرتفاع في أسعار المحروقات بشكل غير عقلاني في المغرب، وإعترف الوزير لحسن الداودي بأن بعض الشركات ضاعفت أرباحها بشكل ملفت للنظز خلال السنة الأخيرة، بينما ذهب أحد النواب إلى الإشارة إلى الهيمنة التي يفرضها ويزر الزراعة عزيز أخنوش في هذا القطاع.
ويوجد إجماع لدى المحللين الإقتصاديين المستقلين بأن المغرب من تلك الدول التي لا تخضع للكثير من قواعد الشفافية في مجال التنافس الإقتصادي، إذ رغم تحرير قطاع المحروقات، لم يستفد المستهلك بل إرتفعت الفاتورة رغم تراجع أسعار النفط عالميا.
وهناك عوامل تفسر جيدا هذه الظاهرة التي يعيشها المغرب ويذهب ضحيتها المواطن وكذلك تدمر بناء أي اقتصاد وطني قائم على أسس حقيقية، وهي :
أولا، غياب الشفافية الإقتصادية والمالية في المغرب رغم أن الدولة المغربية تتشدق كثيرا بالتنافسة والليبرالية، إذ أن مجموعة صغيرة من الدولة العميقة تهمين على القرار في المجال الإقتصادي، ولا تمتلك الحكومة، أي قرار في هذا الشأن بل أن بعض أطرافها متورطة.
ثانيا، علاوة على إستفادة أطراف في الدولة من هذه الفوضى المتعمدة، تبقى الدولة مستفيدة من إرتفاع الأسعار بحكم أنها تجني ضرائب أعلى وأكثر في ظل عجز الاقتصاد المغربي على خلق فرض إستثمار وشغل.
ومن النتائج المخيفة لهذه السياسة على الشعب المغربي، هناك إغتناء طبقة بشكل مفضوح على حساب الشعب المغربي وهو ما يفسر إرتفاع الفوارق الإجتماعية والمالية في المغرب بشكل يشبه أوروبا في القرن التاسع عشر قبل نهج سياسة اجتماعية عادلة. وإرتباطا بهذا، وضعية المحروقات من ضمن الأجوبة التي تجيب على : أين الثروة ؟؟ كما أن هذه الظاهرة تشرح لماذا يغتني البعض في المغرب بطريقة غير شفافة وغير عقلانية عكس ما يجري في الغرب.؟؟
وحول نتيجة أخرى، إن إرتفاع المحروقات بشكل غير عقلاني لا يساهم في تطور الإقتصاد المغربي بل فقط يقتصر دوره على عملية النفخ في النشاط الإقتصادي بشكل يجعل الإنتاج القومي الخام للبلاد قائم على أسس مغشوشة، إذ أن فاتورة المحروقات العامة لا تعكس النشاط الحقيقي للإقتصاد بل تؤكد وجود الريع والنهب المنظم.
وعلى الرغم من هذه الظاهرة الخطيرة، فمن جهة لا تفتح الدولة أي تحقيق، ومن جهة أخرى تفسر الإحتقان الاجتماعي الذي تشهده البلاد خلال الشهور الأخيرة بعدما بدأ الرأي العام يدرك كيف يتم تسيير الإقتصاد المغربي، والنتيجة الإنتفاضات الحالية ومنها الحراك الشعبي في الريف.