شارون 2001: نحن نحكُم أمريكا والمعونات وصلت لـ170 مليار دولار والمُفكّر تشومسكي: التدّخل الإسرائيليّ الوقح والعلنيّ بإنتخاباتنا يطغى على كلّ شيءٍ ولا يُمكن مُقارنته بالروسيّ !!
في الثالث من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2001، عندما كان أرئيل شارون، رئيسًا للوزراء في إسرائيل، عقد المجلس الوزاريّ-الأمنيّ المُصغّر إجتماعًا لتدارس الدعوة الأمريكيّة لإسرائيل بوقف إطلاق النار في الضفّة الغربيّة المُحتلّة. شيمعون بيريس، حذّر في الجلسة عينها من أنّ عدم موافقة إسرائيل على الطلب من شأنه أنْ يعود سلبًا على العلاقات الأمريكيّة-الإسرائيليّة.
شارون، بحسب التقارير الإعلاميّة الإسرائيليّة، والتي لم ينفها رئيس الوزراء آنذاك، ردّ على مطلب بيريس بالقول: لا تقلق بشأن الضغط الأمريكيّ، نحن الشعب اليهوديّ نُسيطر على أمريكا، والأمريكيون يعرفون ذلك. وتابع شارون: أنا أُدرك جيّدًا كيف أنّه من المستحيل تقريبًا تنفيذ السياسة الخارجيّة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، إذا لم تتّم الموافقة عليها من قبل اليهود الأمريكيين.
ولفت شارون أيضًا إلى أنّ اليهود بأمريكا يتحكّمون بشكلٍ رائعٍ بوسائل الإعلام الأمريكيّة، وحتى أنّهم يتحكّمون بأعضاء الكونغرس، إذْ أنّهم لا يسمحون للكونغرس باتخاذ أيّ قرار ضدّ إسرائيل.
النفوذ اليهوديّ، زاد شارون، يُهيمن تمامًا على الساحة الأمريكيّة، وإختتم قائلاً إنّ سفارة تل أبيب في واشنطن هي التي تُملي عمليًا أجندتها على الكونغرس، من خلال اليهود الأثرياء جدًا في أمريكا، قال شارون لبيريس.
إلى ذلك، قال المفكر السياسيّ والعالم اللغويّ الأمريكيّ نوعام تشومسكي (89 عامًا) إنّ التدخل الإسرائيليّ في السياسة الأمريكيّة يُثقل كاهل أيّ شيءٍ، ولا يمكن مقارنته بالتدخل الروسي المزعوم في إنتخابات 2016 الرئاسية.
وأضاف تشومسكي، كما نقلت عنه صحيفة (هآرتس) العبريّة، أنّه أولاً وقبل كلّ شيءٍ، إذا كنت ترغب في التدّخل الأجنبيّ في الإنتخابات الأمريكيّة، فمهما كان الروس قد فعلوا فإنّك بالكاد تستطيع مقارنتهم مع ما تفعله دولةً علنًا، وبوقاحةٍ، على حدّ قوله.
وتابع تشومسكي إنّ التدّخل الإسرائيليّ في الإنتخابات الأمريكيّة يطغى بشكلٍ كبيرٍ على أيّ شيءٍ ربما فعله الروس. أعني، حتى لدرجة أنّ رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يذهب مباشرةً إلى الكونغرس، حتى دون إبلاغ الرئيس، ويتحدث إلى الكونغرس، في محاولة لتقويض سياسات الرئيس أوباما، ويكافأ بالتصفيق الكبير متسائلاً: هل جاء بوتين ليُشارك في جلسات الكونغرس ويحدد جدول الأعمال حتى دون إبلاغ الرئيس؟.
وكان تشومسكي يشير إلى ضغوط رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو على البيت الأبيض لدفعه للإنسحاب من الإتفاقية النووية مع إيران وإحتجاحا على الإتفاق النووي في عام 2015. حيث وفي الخطاب المشار إليه أعلاه الذي ألقاه أمام الكونغرس ناشد نتنياهو النواب بعدم قبول الإتفاق، محذرا من أنه سيحول الشرق الأوسط إلى “برميل بارود نووي” وهو كلام قوبل بترحيب المشرعين الأمريكيين.
وأشارت (هآرتس) إلى أنّ تشومسكي إنتقد أيضًا جماعات الضغط الأمريكيّة، الذين يستخدمون مواردهم لتمويل الحملات الإنتخابية وقال: عمليًا إرسال التشريعات لمكاتب الكونغرس، مُضيفًا أنّ أحد المبادئ الأساسية الأكثر ديمقراطية تعمل هو أنّ الممثلين المنتخبين يجب أنْ يستجيبوا لِمَنْ إنتخبهم. نحن نعرف جيدا أن هذا ببساطة ليس هو الحال في الولايات المتحدة، كما قال.
وكان كبير المُحللين الإسرائيليين للشؤون السياسيّة، ناحوم بارنيع، قد لفت في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إلى أنّ الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا تناسوا وتجاهلوا أنّ إدارة الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما منحت إسرائيل أضخم معونات ماليّةٍ واقتصاديّةٍ في تاريخ العلاقات بينهما، وجزم قائلاً إنّ نتنياهو يُواصل، بدون كللٍ أوْ مللٍ، عضّ اليد التي قدّمت للدولة العبريّة المعونات على جميع الأصعدة خلال السنوات الثماني الماضية، أيْ خلال حقبتي أوباما في سُدّة الحكم، على حدّ تعبيره.
جديرٌ بالذكر أنّ قيمة المساعدات الأمريكيّة لإسرائيل، منذ قيامها سنة 1948 حتى 2016، وصلت إلى حوالي 125 مليار دولار، وهي قيمة مهولة تجعل من إسرائيل أكبر مستفيدٍ من المساعدات الأمريكيّة في كامل فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومع نهاية حزمة المساعدات الجديدة التي ستستمر لعشر سنوات وتحديدًا من سنة 2019 إلى سنة 2028، سيصل هذا الرقم إلى حوالي 170 مليار دولار.
وخلال السنوات الأخيرة، مثلّت المساعدات الأمريكيّة حوالي 3 بالمائة من ميزانية إسرائيل، وواحد بالمائة من الناتج المحليّ الخام. وفي ظلّ هذه الأرقام، سيُجبِر وقف هذا الدعم الإسرائيليين على شدّ الحزام والقيام بإجراءاتٍ مؤلمةٍ تزيد من الضغط على ميزانية الإحتياجات المحليّة، ولكن رغم كلّ هذا، لن تُشكّل هذه الفرضية تحديًا مستحيلاً بالنسبة لإقتصاد دولة الإحتلال.
في المقابل، سيطال التأثير الحقيقيّ الميزانيّة العسكريّة، ففي السنوات الأخيرة، شكّل الدعم الأمريكيّ حوالي 20 بالمائة من ميزانية الدفاع في إسرائيل، وحوالي 40 بالمائة من ميزانية الجيش الإسرائيليّ، وغطّت تقريبًا كامل ميزانية شراء الأسلحة. وبالتالي، سيكون لوقف هذا الدعم له تأثير مأساوي على الوضعية العسكريّة الإسرائيليّة، إلّا في حالة إعادة ترتيبات الأولويات الوطنيّة، وهو ما سيكون له تداعيات إقتصاديّة وإجتماعيّة خطيرة.