الشروق نيوز 24

كشف المهدي بنبركة للإختراق الإسرائيلي في القارة الإفريقية أحد العوامل وراء عملية إغتياله !!.وثيقة تاريخية في ندوة فلسطين العالمية !!!! الجزء الأول ؟؟؟

 كشف المهدي بنبركة للإختراق الإسرائيلي في القارة الإفريقية أحد العوامل وراء عملية  إغتياله !!.وثيقة تاريخية  في ندوة فلسطين العالمية !!!! الجزء الأول ؟؟؟

شَكَّل الإختراق الإسرائيلي للقارة الإفريقية جزء من إستراتيجية كبرى أَطَّرت تفكير المشروع الصهيوني منذ مرحلة ما قبل إقامة كيانه الإستيطاني في فلسطين المحتلة سنة 1948؛ إذ كانت مستعمرة بريطانية في إفريقيا إسمها أوغندا كانت واحدة من المقترحات التي تمّ تقديمها لإقامة كيان عليها يحمل إسم إسرائيل من طرف أب الحركة الصهيونية "تيودور هيرتزل" حين توجه إلى بريطانيا وإقترح على وزير المستعمرات فيها "جوزيف تشامبرلين" إقامة كيان لليهود في شرق إفريقيا، وبالضبط في أوغندا كخيار من الخيارات المطروحة (إلى جانب فلسطين، الأرجنتين...).

هذا الخيار فشل بسبب الإنقسام الكبير داخل الحركة الصهيونية حول هذا الموضوع. وهو إقتراح كان يستلهم ما كان يعتبره نجاحا للتجارب الإستيطانية التي كانت تعرفها إفريقيا حينئذاك (في شمال القارة مع الإستعمار الاستيطاني الفرنسي للجزائر، وفي جنوب القارة الإفريقية خاصة: في جنوب إفريقيا، روديسيا وناميبيا...).

لذا فتحت حركة التحرر العربي والإفريقي والثالثي عيونها على خطورة هذا الإختراق وإندماجه في بنية حركة الإستعمار الغربي للقارة والقيام بأدوار وظيفية لتبادل المصالح مع مراكز القرار الرأسمالي الدولي أحيانا، وأداة لها في غالب الأحيان؛ الأمر الذي جعل واحدا من أهم رموز حركة التحرر الصاعدة حينها، وهو الشهيد المهدي بنبركة، يدق ناقوس الخطر في "ندوة فلسطين العالمية" المنعقدة بالقاهرة من 30 مارس إلى 6 أبريل 1965، أي قبل سبعة أشهر بالضبط من إختطافه وإغتياله في باريس يوم 29 أكتوبر من السنة نفسها.

وهو الإغتيال الذي نجد لإفريقيا علاقة وطيدة به، حيث كانت حركة بنبركة بين عواصمها المستقلة حديثا (إنطلاقا من القاهرة والجزائر العاصمة)، وحصوله بوسائله الخاصة، على وثائق للمخابرات الأمريكية متعلقة بإستهداف إستقلال تلك الدول وإستهداف قادة حركة التحرر الإفريقية (مثل "كوامي نكروما" قائد غانا، و"باتريس لومومبا" قائد حركة استقلال الكونغو...)، وتحذيرهم من ذلك، وتنسيقه مع رموز حركة التحرر في إفريقيا مثل أحمد بنبلة، جمال عبد الناصر، لومومبا، نيكروما، موديبوكيتا، سيكوتوري… إضافة إلى تحضيره لمؤتمر القارات الثلاث؛ عوامل جعلت قرار الإغتيال جاهزا في مطابخ عواصم القرار الإستعماري، قبل تنفيذه في باريس ذات ليلة خريفية باردة.

تحولت مداخلة المهدي بنبركة في "ندوة فلسطين العالمية" تلك إلى رؤية تتضمن إستراتيجية عملية لمواجهة الإختراق الإسرائيلي للقارة السمراء، بعد تشخيص هذا الإختراق ورصد مظاهره وسرد مخاطره على عموم الشعوب الإفريقية ومستقبلها، مما جعل منها وثيقة تأسيسية إعتمدتها حركات التحرر العربي والإفريقي كواحدة من أدبياتها الأساسية.

تأتي أهمية الوثيقة إذن في ما تقدمه من تحليل عميق للأوضاع في إفريقيا حينها، وكذا بتزامنها مع شهر أكتوبر الحالي، حيث تقرر إلغاء أول قمة إفريقية –إسرائيلية في تاريخ العلاقات بين الطرفين التي كان من المقرر إنعقادها بمدينة "لومي" عاصمة التوغو، بعد إعتراض عدد من الدول الإفريقية والعربية على إنعقادها، في إستلهام لروح هذه الوثيقة.

ومن المفارقات أن المهدي بنبركة يحذر فيها من صناعة نُخبة إفريقية في إسرائيل سيكون لها دور بارز في تسهيل الإختراق، وكانت التوغو من الدول التي يذكرها في وثيقته هاته، إضافة إلى الكثير من الدول الإفريقية، خاصة تلك التي كانت تعاني هشاشة في التكوين والبناء، مما يجعل الإختراق سهلا وسريعا.

ورغم نجاح بعض الإختراقات هنا وهناك، فإن الكيان الإسرائيلي ما زال يشعر بصعوبات جمة أمام تنزيل مخططاته في القارة الإفريقية، والدليل على ذلك رفض منظمة الوحدة الإفريقية هذا الأسبوع لطلب إسرائيلي للحصول على صفة عضو مراقب في منظمة الإتحاد الإفريقي الموجود مقرها في أديس أبابا، وهي الصفة التي حصلت عليها 82 دولة من خارج إفريقيا، مقابل ممانعة المنظمة في منحها للكيان الصهيوني.

وهي مناسبة نود نشر هذه الوثيقة التاريخية بعد التدقيق في بعض معطياتها وشرح بعض المفاهيم وأسماء الأعلام الواردة فيها، بحكم المتغيرات التي عرفتها الأوضاع الجيوــ استراتيجية في القارة الإفريقية بعد أكثر من نصف قرن من صدورها.

وفيما يلي الجزء الأول من الوثيقة:

أيها الإخوة، رغم الظروف التي يعيشها شعبنا في المغرب حيث تعلمون بالمذابح الوحشية التي تعرض لها طلابنا وجماهيرنا الشعبية، حتى تجاوز عدد القتلى 2500 قتيل، وتجاوز عدد المسجونين الآلاف والمحكوم عليهم جملة إلى اليوم أزيد من ألف {يقصد أحداث 23 مارس 1965}، كل ذلك لم يمنعنا من حضور هذه الندوة لِنُعبر لإخواننا عن تضامننا غير المشروط، التام واللانهائي في المعركة لتحرير فلسطين.

وإن الموضوع الذي شرفني الإخوان بأن طلبوا مني تقديمه في هذه الندوة هو "دور إسرائيل في إفريقيا"، أو يمكن أن نسميه بالواقع الإسرائيلي في القارة الإفريقية. فمن واجبنا أن نعرف هذا الواقع، كما أنه من واجبنا أن نعلن رفضنا لهذا الواقع ككل واقع إستعماري، لأننا نرفضه كعرب ونرفضه كمناضلين ثوريين؛ نرفضه كعرب لأن دور إسرائيل في إفريقيا هو جزء من مخطط إستعماري ضد الثورة العربية، ونرفضه كمناضلين ثوريين لأن دور إسرائيل في إفريقيا هو جزء من الخطة الإستعمارية ضد الحركة التحررية العالمية.

إن إسرائيل تعتبر أن دورها في إفريقيا وفي مجموع البلاد المتخلفة دور حيوي. وقد قال "بن غوريون" {أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، وُلد في بولندا باسم "دافيد غرين"} أمام المؤتمر الصهيوني الخامس والعشرين: "إن المستقبل الإقتصادي لإسرائيل ووضعها الدولي يتوقفان على الروابط التي نجتهد في إقامتها مع إفريقيا وآسيا". وقال "ليفي أشكول" {ثالث رئيس وزراء للكيان الصهيوني، وُلد في أوكرانيا سنة 1895 حين كانت جزء من الامبراطورية الروسية}: "إن مستقبل الأجيال المقبلة في إسرائيل مرتبط بمقدار كبير بنشاطنا في القارة الإفريقية". ومن الواجب علينا في هذه الندوة أن نواجه هذا الموضوع مواجهة علمية وموضوعية، فنعرف كيف إستطاعت إسرائيل أن تلعب دورا في إفريقيا، وكيف نستطيع نحن أن نمنع إسرائيل أن تكون أداة للإستعمار في إفريقيا ضد مطامح الشعب العربي وضد مطامح الشعوب الإفريقية نفسها.

1- الاستعداد للمهمة.. الصورة التي ترسمها إسرائيل لنفسها:

إن هذه الأداة قد أُعِدّت لتقوم بهذه المهمة، فالإستعمار يصوغ أداته لتقوم بعملها ضد مطامح الشعوب، سواء أكانت هذه الأداة حُكما عميلا أو منظمة مصطنعة، أو حُكما/كيانا دخيلا مثل إسرائيل. وقد حرصت إسرائيل على أن تُكَوِّن من نفسها وتعطي لوجهها صورة تناسب وتُمهد وتُسهل هذه المهمة. فقد أرادت أن تكون بالنسبة للدول المتخلفة، وبالنسبة لدول إفريقيا الفتية بالخصوص، النموذج المثالي الذي يجب أن يُحتذى، والنموذج الذي يجب أن يمنح لهذه الدول الخبرة التي هي في حاجة إليها لمواجهة المشاكل التي تجدها أمامها غداة الإستقلال.

فقد قالت "غولدا مايير" {رابع رئيس وزراء للكيان الصهيوني، وُلدت في أوكرانيا باسم غولدا مابوفيتز، وهاجرت إلى أمريكا حيث إستقرت لمدة 15 سنة، وبعدها هاجرت إلى فلسطين المحتلة} مثلا أمام البرلمان الإسرائيلي لتبرير سياسة إسرائيل في إفريقيا: "إننا دولة ديمقراطية وصغيرة ليست لها مطامع توسعية، وتتمتع بالخصال التي تلفت نظر الأفارقة. فنحن مثلهم دولة جديدة واجهت وما تزال تواجه مشاكل متشابهة، وقد إكتسبت بعض التجارب الفريدة في مناهج التنمية وفي أساليب الرواد التي قد تفيد هذه الدول".

نعم هذه أسطورة، وسنرى أنها أسطورة، ولكن كان لها مفعول؛ حيث نجد مثلا الرئيس موديبوكيتا {أول رئيس لجمهورية مالي من 1960 إلى 1968}، وهو أحد الزعماء في إفريقيا الثورية، قد إنخدع بها. ماذا كان يقول سنة 1958، بسبب إتصالاته الأولى بإسرائيل، وعدم معرفته لحقيقة الوضع في إسرائيل؟!

قال موديبوكيتا: "لقد أصبحت إسرائيل قِبلة تَحُج إليها الشعوب الإفريقية لتستلهم منها أسلوب بناء بلادها، وإن إسرائيل غَدَت بحقّ المثال الحي للشكل الإنساني الذي يُبنى على أساسه المجتمع الجديد". ونستمع إلى أحد الطلبة يتحدث قائلا: "يمكنني إذا ذهبت إلى الولايات المتحدة أن أدرس تاريخ التنمية الاقتصادية، ولكن إذا ذهبت إلى إسرائيل فإنني أستطيع أن أشاهد النمو فعلا". ونجد الرئيس نيريري {رئيس جمهورية تنزانيا من 1964 إلى 1985}، وهو أحد زعماء إفريقيا التقدمية أيضا، يقول في نوفمبر 1960: "إن إسرائيل بلد صغير ولكنها يمكنها أن تفيد كثيرا بلدا كبلادي، ويمكننا أن نتعلم منها كثيرا، لأن مشاكلنا ومشاكل "تنجانيقا" تشبه مشاكل إسرائيل. ما هي هذه المشاكل؟ إنهما مهمتان رئيسيتان تنتظرنا: بناء الأمة وتغيير وجه الأرض طبيعيا واقتصاديا".

هكذا مهدت إسرائيل لنفسها لتقوم بدورها، وهكذا صِيغت الأداة لتقوم بمهمتها في آسيا، وخاصة في إفريقيا.

أ- العوامل الدافعة:

إنها من نوعين كما قلنا؛ من جانب خدمة لأهدافها ضد العرب، ومن جانب آخر خدمة للإستعمار الدولي.

لقد كان من المهم بالنسبة لإسرائيل بعدما ضُرب عليها الحصار العربي أن تُحطم هذا الحصار، وأن تبحث عن متنفس وعن سوق في آسيا وإفريقيا، وفي نفس الوقت أن تعمل على تطويق البلاد العربية بالمُوالين لوجهة نظر إسرائيل.

يقول "بن جوريون" أمام الكنيست في أكتوبر 1960: "إن عطف الأمم القريبة والبعيدة وصداقتها، لهُما العاملان اللذان يُمكِّنانِنا مع الزمن أن نخترق سور الحقد والمقاطعة الذي يحيط بنا".

فإسرائيل أُسِّست في قلب الأمة العربية كقاعدة للإستغلال الاستعماري بالنسبة للبلاد العربية، وبإفتقادها لهذه السوق العربية أخذت تبحث عن سوق جديدة أو ما يمكن أن نسميه "رئة جديدة تتنفس منها".

والمهمة الثانية علاوة على هذه الرئة الحيوية، هي أن إسرائيل، ومن ورائها الإستعمار، تريد تجنيد الأصوات في الأمم المتحدة نظرا لأهمية الوزن الدولي الذي أصبحت تُشكله المجموعة الإفريقية والآسيوية، طمعا في الحصول على تأييد أو على الأقل على موقف حياد.

وهنا يجب أن نعطي أهمية كبرى للدور الذي تلعبه هذه الدول الإفريقية الجديدة في المنظمات الدولية، سواء كانت هذه المنظمات إفريقية أو الأمم المتحدة نفسها. ففي سنة 1963 مثلا، نجحت إسرائيل بعض الشيء بعد أن عُقد المؤتمر الأول لرؤساء الدول الإفريقية بأديس أبابا، حيث إن هذا المؤتمر المنعقد في مايو 1963، لم يتخذ أي قرار بإدانة إسرائيل. فَرَاحت إسرائيل تعتبر هذا إنتصارا لها، وكتبت مجلة الإيكونومست الإسرائيلية في يوليوز 1963 غداة المؤتمر تقول: "إننا لا نغالي إذا قلنا بأن ضغط الرأي العام الإفريقي سوف يلعب دورا حاسما في أية تسوية في الشرق الأوسط، وليس معنى هذا أن مثل هذه التسوية يمكن أن تتحقق في المستقبل القريب، ولكن معنى هذا أن أي سياسي عربي يرغب في أن يلعب دورا فعالا في إفريقيا، له أن يَحسب حسابا يزداد أهمية مع الزمن للمتاعب التي سيتعرض لها مع الأفارقة، إذا ما أثار فكرة الحرب ضد إسرائيل".

وتزيد المجلة قائلة: "ولقد أصبح عدد كبير من الدول الصديقة لإسرائيل من البلاد المسلمة خاصة، مثل السينغال وسيراليون وتشاد، ومن التي تشتمل على نسبة كبيرة ومهمة من المسلمين، مثل تنجانيقا ونيجيريا، هذه الدول أصبحت توالي إسرائيل". وبذلك تقول هذه المجلة شبه الرسمية في إسرائيل: "أحدثنا ثغرة كبرى جديدة في الجبهة الإسلامية المعادية لإسرائيل التي تَعِب العرب في محاولة خلقها منذ نشوء الدولة اليهودية سنة 1948".

هذا هو الغرض الأول، وهذا العامل الأول أن تقوم إسرائيل بمجهود متواصل لكسب الدول الإفريقية الفتية. وهناك عامل ثان يمكن أن نقول أيضا إنه رئيس، وهو خدمة المصالح الإستعمارية الدولية.

وهنا يجب أن أقف وقفة قصيرة لِأُلْفِت نظركم إلى أن الإستعمار قد غَيّر خططه أمام الدفع الثوري الآسيوي والإفريقي والأمريكي –اللاتيني. وعندما وجد نفسه مضطرا للإعتراف بالإستقلال مثلا، وللتنازل أمام هذه الإرادة الثورية بقي حريصا على أن يحتفظ بمصالحه الأساسية الإقتصادية والإستراتيجية، مما يسمى بأساليب الإستعمار الجديد؛ وهو تارة يكون عن طريق الحكومات العميلة وتارة عن طريق إتفاقيات للتعاون المزعوم، وأخرى عن طريق التآمر إذا اقتضى الحال.

وكثيرا ما يتساءل الناس، وبالأخص في الرأي العام الدولي، لماذا تتهمون إسرائيل بأنها أداة للإستعمار؟ إنها تقدم خدمات لهذه الدول الإفريقية، إنها تريد أن تتاجر معها، وهي الدولة التي ليست لها مطامع توسعية كما قالت غولدا مايير آنفا.

والحقيقة أن إكتشاف الدور العميل للإستعمار بالنسبة لإسرائيل في إفريقيا أمر صعب ودقيق، ولا أدل عليه من تردد الثوريين الأفارقة في إتخاذ موقف صريح قبل السنة الماضية. ولكن لدينا وثائق ولدينا قرائن تثبت هذه الصلة بين دور إسرائيل وبين الخطة الإستعمارية الدولية.

لدينا محضر ندوة كان لها مغزى هام، حيث أنها كشفت عن أحد الجوانب لدور إسرائيل في خدمة الإستعمار في إفريقيا. هذه الندوة نشرتها مجلة "لاش"، (وهي مجلة صهيونية تصدر بفرنسا) نظمت في مايو 1962 -غداة إتفاقية إيفيان عند إقتراب إعلان إستقلال الجزائر- ندوة بين بعض الشخصيات الفرنسية لتعرف هل هناك تحولا في السياسة الفرنسية تجاه إسرائيل بعد إستقلال الجزائر.

وكان من بين الموضوعات التي أثيرت، موضوع إنضمام إسرائيل للسوق الأوروبية المشتركة وضرورة تأييد فرنسا لهذا الإنضمام. وقد حضر هذه الندوة شخصيات بارزة في فرنسا مثل "ريمون آرون" و"دانيل بيير" و"ليو هامو"، وسفير فرنسا في إسرائيل، وأحد الإستعماريين الفرنسيين الذين لهم صلة وثيقة بإسرائيل وهو "رولان بري"، الذي أخذ يدافع عن وجهة نظر إسرائيل في ما يتعلق بدخولها للسوق الأوروبية المشتركة قائلا: "إن مسألة الإنضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة بالنسبة لإسرائيل ذات أهمية قصوى، لا لأنها تتعلق فقط بجانب التبادل التجاري بينها وبين دول السوق، بل لأنها تتصل بموضوع إيلاء إسرائيل إهتماما متزايدا لأنه مرتبط بمستقبلها الإقتصادي، وهو موضوع علاقاتها مع العالم المتخلف بإفريقيا وآسيا".

ولا شك أنه إذا نظرنا إلى الموضوع من وجهة نظر المصالح الإقتصادية البحتة بدول السوق الأوروبية المشتركة، فإنه من العسير أن نجد مستندا لإثبات فائدة الانضمام بالنسبة للمجموعة الأوروبية، ولذلك أرى أن المستند الحقيقي إنما هو من الناحية السياسية.

يقول رولان بري: "يجب علينا أن نعتبر إسرائيل تَسَرُّباً للغرب في المناطق التي إنصرفت عن الغرب. يجب علينا أن ننظر لإسرائيل كأداة لتغلغل النفوذ الغربي بالنسبة للبلاد المتخلفة في إفريقيا وآسيا". ولذلك يقول رولان بري: "أعتقد أنه من حقنا أن نطالب بإنضمام إسرائيل إلى السوق الأوروبية المشتركة إستنادا إلى هذه الحجة بالذات".

من هنا نفهم هذه الفقرة التي وردت في خطاب الرئيس أحمد بنبَلة في مؤتمر الدول الإفريقية المنعقد بالقاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة (يوليو 1964)، عندما قال: "إن إسرائيل تحل محل الإمبريالية في كل مكان ترحل عنه، فَتُقْرِض رؤوس أموالها وبالأحرى رؤوس أموال البنوك الأوروبية، والفنيين الذين دُربوا في مصانعها ومعاملها برؤوس أموال أوروبية، وأينما إضطرت الإمبريالية إلى التخلي عن مكانها تأتي إسرائيل لِتَعْرض خدماتها". وحينئذ نرى أن هذه الأداة التي هي إسرائيل، هي في خدمة أغراض إستعمارية محلية بالنسبة للثورة العربية، ولأغراض دولية بالنسبة للإستعمار عامة، وهي تشارك مع هذا الإستعمار في عمليات النهب الإستعماري لثروات إفريقيا إذا نظرنا إلى شكل التجارة التي بينها وبين هذه البلدان.

وأمام هذه الأداة التي صيغت للقيام بهذه المهمة، هناك أيضا شروط وُفرت لهذه الأداة حتى تقوم بمهمتها. ذلك أن الاستعمار يواجه الموضوعات بجدية، ومن هنا أيضا يلزمنا نحن من الوجهة النظرية الثورية أن نوجه أيضا معركتنا ضد الإستعمار بنفس الجدية.


يتبع ....

للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي

.......................رئاسة الحكومة
........................الأمانة العامة للحكومة
........................رئاسة البرلمان المغربي
........................رئاسة مجلس المستشارين
........................رؤساء الفرق البرلمانية
.........................وزارة الشؤون الخارجية والتعاون
.........................وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
..........................وزارة الجالية والهجرة
..........................وزارة النقل والتجهيز ..
..........................المجلس العلمي الأعلى بالرباط
...........................وزارة المالية
.........................مجلس الجالية
..........................مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
..........................الأمانة العامة للأحزاب السياسية المغربية
..........................السفارات المغربية بالخارج
..........................القنصليات المغربية بالخارج ..































رابط مختصر للمقالة تجده هنا
http://choroknews.com/news5021.html
نشر الخبر : admin
عدد المشاهدات
عدد التعليقات : التعليقات ()
طباعة الصفحة
التعليقات ()
الرجاء من السادة القراء ومتصفحي الموقع الالتزام بفضيلة الحوار وآداب وقواعد النقاش عند كتابة ردودهم وتعليقاتهم. <br /> وتجنب استعمال الكلمات النابية وتلك الخادشة للحياء أو المحطة للكرامة الإنسانية، فكيفما كان الخلاف في الرأي يجب أن يسود الاحترام بين الجميع.